عندما كنت أدرس في كلية الطب قبل سنين عديدة مساق اضطرابات الشخصية( personality disorders)) استوقفتني كثيرا اضطراب الشخصية النرجسية ،وهي من أسوأ الشخصيات المتعارف عليها، ولكن ما استوقفني حقا هو ارتباطها بزهرة غاية بالرقة والجمال و ابداع الخلق ناهيك عن عبيرها الاسر للقلوب.
و كالاخرين وقفت منها موقف الكاره لها ظلما وجهلا ولم أجرؤ يوما أن أقدمها هدية خوفا من سوء الفهم والتقدير بسبب سمعتها السيئة لارتباطها بهذه الشخصية المقيتة ؛ رغم شفقتي و شعوري بأن هذه الزهرة الندية ما كُرهت الا بسبب ظلم و سادية الانسان الذي يطلق احكامه جزافاً كيفما شاء على المخلوقات غير ابه أبداً الا بنفسه الأمارة بالسوء ، الظالمة ؛ السادية والجاهلة المعتدية.
ولكن بعد أن قرأت رواية (انتقام النرجس) للمبدعة حنين رياض توقفت طويلا متأملا علاقة الانسان بباقي المخلوقات ، وظلمه الشديد لكل شيء حتى لنفسه و أبناء جنسه وأنه كان بالأحرى أن تسمى المسميات بأسمائها ويزال الظلم عن المخلوقات المسالمة من نبات و حيوان لا ناقة لهم بها ولا جمل.
فهل نعيد التفكير بجهلنا و نحاول نقض غرورنا و ساديتنا المقيتة يوماً.
د. رياض ابو طالب