قَيس
ألَستَ حَلَفتَ لي يا قلبُ أنِّي
إذا ما الوَجدُ أضناني تَنوبُ؟
فها أنا هائِمٌ يا قلبُ قل لي
و مالكَ كلما قَرُبت تَغيبُ
أتوقُ لضمِ طَرفيها بعيني
فما ضَمَّ الشُروقَ لها المغيبُ
و أدنو قُربَها فتَجيشُ عيني
و يطوي طَرفَها عَبَقٌ و طيبُ
أُسائلها وعوداً قد قَطَعنا
و أحلاماً تُزاحمها الخُطوبُ
فتخبرني بأنَّ العشقَ نارٌ
و تحضنني فيغلِبُها النَحيبُ
ألا يا قلبُ حَسبُكَ أن تراها
فلا بُعداً تُطيقُ لها القلوبُ
كفى يا قلبُ لوماً في هواها
ففي الأحناءِ أضلاعٌ تذوبُ
و كيف للائمٍ في الحبِ قولاً
بأنّ القَرْحَ يشفيهِ المَشيبُ
فقد رَعَفَت جُروحي منذُ عهدٍ
فما نفعَ الدواءُ و لا الطبيبُ
دَعِ العُذال تفعلُ ما تشاءُ
لعل بعذلِهِ رُشداً يُصيبُ
و لستُ بخالفٍ وعدي و لكن
سَلَوتُ، فردني الدمعُ الصَبيبُ
كفاكَ تقلباً في النومِ قلبي
ظَنَنتُ لوهلةٍ أنّي غريبُ
و بِتُ أصارعُ الأحلامَ حتى
أذوب بطيفها كيلا تغيبُ
أفِق يا قلبُ إنَّ البُعدَ هجرٌ
عن الأوطانِ مُغتَرَبٌ جَديبُ
أفِق يا قلبُ لولا حُبَ قيسٍ
لكانَ لكلِ مُحتَرِقٍ نصيبُ
أفِق مازالَ ينبضُ فيكَ عِرْقٌ
و ساريةٌ لها أبداً تؤوبُ
فسوفَ نعودُ يوماً كي تراها
قريرَ العينِ تتبعنا الدروبُ
تَجَهَز للرجوعِ لدارِ ليلى
ففي الأشواقِ تُغتَفَرُ الذنوبُ
و قُل سأعودُ يا ليلى انطُريني
عسى يا ليلُ يَبتَرِدُ اللهيبُ د. رياض أبو طالب