أنات الذاكرة الرقم العجيب ٢ بعد أن تخرجنا من الكلية ، صرت في العرف ابن دولة شقيقة. وبدأت رحلة مريرة في البحث عن عمل أمارس فيه مهنتي التي أعشقها ، بعد أن وجدت أن الأبواب جميعها مغلقة في وجهي ، و ذات يوم تقدمت لوظيفة حسبت أنها لا تصلح لغيري، سألني الموظف و أنا أقدم ملف أوراقي كاملة و بعد تفحص سريع. لماذا لم تسجل الرقم؟ قلت (بصوت خافت) : لست أحمل رقماً! صحيح، أنت بدون رقم!؟ نعم أنا هويتي من أربعة حروف ، و اسم والد جدي لا يعنيكم في شيء! صمت طويلاً ، و تمتم بالحوقلة تخرج حروفها متقطعة مع زفراته المحترقة، ثم انتصب واقفاً ، و أشار لي أن أتبعه، و أدخلني إلى مكتب فاره، يجلس في وسطه مسؤول أنيق على كرسي وثير يتحدث بالهاتف، و دار بين الإثنين حديث قصير، ثم عاد إلي محزوناً، و بلهجة تمتزج بالأسى قال: أوراقك مكتملة و شهاداتك رائعة، و لكن للأسف أنت بدون رقم، أنت أخ لنا، و ابن بلد شقيق نحبه و نعتز به. ولكن هل يصح أن تأخذ الوظيفة بدل أحد أبناء الوطن؟ قلت بصوت منكسر ولكن بكل ثقة: طبعاً لا يجوز ، رغم أني لم أعرف و لم أرى وطناً غير هذا الوطن. جمعت أوراقي ، و مضيت خارجاً أردد: طبعاً ليس عدلاً...... ليس عدلاً.....